الحياه في حد ذاتها وضع تعيس، وضع لن يعدو في النهاية كونه مجرد حكاية مجسمة خماسية الأبعاد تحكيها إحدى الجدات المريخيات لأحفادها في مساء مستقبلي بارد. وضع تعيس يلفظنا فيه المجهول فنولد، ثم يتلقفنا مرة أخرى فنموت، و ما بين اللفظ والتلقف نعيش حالة طويلة من عدم الفهم.
وعدم الفهم هذا يمتد من عدم فهمنا لأنفسنا إلى عدم فهمنا للآخرين من حولنا إلى عدم فهمنا لفكرة الحياه في حد ذاتها إلى عدم فهمنا للكون الأشمل والأعم المحيط بنا إلى عدم فهمنا لقرار اللجنة العليا للإنتخابات بتمديد التصويت ليوم ثالث فاتحةً بذلك أبواب الهرتلة على مصراعيها، وجاعلة الأمر أمامنا يبدو وكأنه ما حدش راح صَوَت.
إنها حالة ممتدة من عدم الفهم، يبدو خلالها البعض ممن اقتربوا من قفش حتة من قلب الحقيقة كجاليليو وداروين وأينشتين ونيوتن مجرد نماذج على أن من يتعدى حدوده فيما يخص عدم الفهم، ويفهم، ينبغي عليه أن يدفع الثمن. جميعهم اكتأبوا بعد تحقيق انجازاتهم، حتى ماتوا. الإكتئاب هو ثمن الفهم وعُملته الرسمية المتعارف عليها بين جميع من قرروا استخدام عقولهم على مر العصور.
إذن، الحياه وضع تعيس ولغز غامض، قائم في الأساس على فكرة عدم التمكن من فهمه. ومحاولات فهم ذلك الوضع لن تسفر سوى عن إكتئاب حاد. إلا أن ترك أنفسنا لعدم الفهم سوف يفضي بنا إلى إكتئاب أكثر حدة. وهنا يمكننا أن نمرق في طريق حديثنا عبر دهليز وضع الحياه التعيس وعلاقته بالسعادة، فإذا كان عدم الفهم يفضي بنا إلى الإكتئاب بينما محاولات الفهم تفضي بنا هي الأخرى إلى الإكتئاب، إذن، ما الذي يفضي بنا إلى السعادة؟ إذا كان عدم الإنشغال بالتفكير وإعمال العقل مثله مثل الإنشغال بالتفكير وإعمال العقل، ما هو الفارق بينهما؟ وهل من فَكَّر كمن لم يفكر؟ هل يتساوى الإثنين؟
بالطبع ليس من فكر كمن لم يفكر، كلاهما سوف يشعر بالتعاسة، و ربما يشعر بالتعاسة اكثر من اجتهد أكثر وفكر. إلا أن تعاسة من فكر وحاول فهم الليلة تحتوى بداخلها على نوعية خاصة من السعادة لا يستطيع من لم يفكر الوصول إليها، إنها السعادة الناجمة عن الإكتئاب. بمعنى أدق، السعادة الناجمة عن وضع يدك على الجرح، عن تمكنك من فهم شيء ما في تلك الحياه الملتبسة غير المفهومة، فمجرد مصارحتك لنفسك بالحقيقة، حقيقة وضعنا البشري بشكل عام، والمتمثل في أنه وضع تعيس وبائس تماماً، كفيل بجلب السعادة إلى نفسك، السعادة الناتجة عن تحديد سبب حزننا البشري الكامن بداخلنا.
هي مأساة طبعاً، أن يكون الطريق إلى السعادة مفروشاً بالإكتئاب الناجم عن التفكير ومحاولات فهم الحياه، إلا أنه يظل أقل مأساوية من الطريق الآخر إلى السعادة، والمفروش بالإكتئاب أيضاً، إلا أنه الإكتئاب الناجم عن الجهل والهرطشة والإبتعاد عن استخدام العقل في التفكير المنطقي أو في أي محاولة لفهم أي شيء يخص تلك الحياه.
إنها مأساة الحياه، إحدى المآسي على ظهر ذلك الكوكب التي ليس لها حل سوى التكيف، التكيف مع تلك المأساة والتي ينبغي عليك لكي تشعر بمدى مأساويتها أن تفكر فيها، ثم تحاول فهمها، ثم تكتئب، ثم تدرك أنك لن تفهمها تماماً، ثم توقن أن كل ما علمته حتى الآن أنت وزُمَلاَتك من البشرية ما يجيش نقطة في بحر ما لم تعرفونه بعد، ثم تهيء عقلك لعدم الدهشة ولتقبل الحقائق الجديدة بعد مرورها على فلتر المنطق والعقل، ثم يتزايد إكتئابك حتى يتحول فجأة ذات مساء إلى شعور عميق بالسلام النفسي والطمأنينة، والسعادة. تلك السعادة الناجمة عن معرفة تلك الحقيقة الحياتية التي تنص على أنه.. مافيش حاجة اسمها سعادة.
الإثنين 18 يوليو - 19:57:02 من طرف سما اياد
» اعطال ايديال زانوسي 01099948826
الثلاثاء 5 يناير - 14:37:34 من طرف منه مراد
» صيانه ايديال زانوسى
الثلاثاء 15 ديسمبر - 16:27:39 من طرف صيانه زانوسى
» صيانه ايديال زانوسى
السبت 14 نوفمبر - 14:56:06 من طرف صيانه زانوسى
» صيانه ايديال زانوسى
الأربعاء 11 نوفمبر - 14:55:54 من طرف صيانه زانوسى
» صيانه ايديال زانوسى
الثلاثاء 10 نوفمبر - 16:01:00 من طرف صيانه زانوسى
» صيانه ايديال زانوسى
الإثنين 9 نوفمبر - 14:22:45 من طرف صيانه زانوسى
» صيانه ايديال زانوسى
الأحد 8 نوفمبر - 16:25:41 من طرف صيانه زانوسى
» صيانه ايديال زانوسى
السبت 7 نوفمبر - 15:28:12 من طرف صيانه زانوسى